روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | بر الوالدين لابن الجوزي (2- 2)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > بر الوالدين لابن الجوزي (2- 2)


  بر الوالدين لابن الجوزي (2- 2)
     عدد مرات المشاهدة: 3166        عدد مرات الإرسال: 0

إثم عقوق الوالدين:

عن أبي بكرة، عن أبيه، قال: ذكرت الكبائر عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين» وكان متكئًا فجلس، وقال: «ألا وشهادة الزور». وما زال يكررها حتى قلنا: ليته يسكت».

وعن أنس، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكبائر، فقال: «الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين...». الحديث.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس. واليمين الغموس».

وعنه صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يدخل الجنة عاق، ولا مدمن خمر، ولا من يكذب بالقدر، واليمين الغموس».

وعن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنان بما أعطى».

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربعة حق على الله تعالى ألا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها: مدمن الخمر، وآكل الربا، وآكل مال اليتيم بغير حق، والعاق لوالديه».

وعن زيد بن أرقم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح ووالداه عنه راضيين أصبح وله بابان مفتوحان من الجنة، ومن أمسى ووالداه عنه راضيين أمسى له بابان مفتوحان من الجنة. ومن أصبح وهما ساخطان عليه أصبح له بابان مفتوحان من النار، وإن كان واحد فواحد قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه، وإن ظلماه، وإن ظلماه».

وعن عمرو بن مرة الجهني، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أشهد ألا آله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين يوم القيامة هكذا ونصب أصبعيه ما لم يعق والديه».

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: «آمين، آمين، آمين»، فلما نزل، قيل: يا رسول الله، إنك حين صعدت المنبر، قلت: آمين ثلاث مرات، فقال: «إن جبريل أتاني، فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين. فقلت: آمين. ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار أبعده الله، قل: آمين، قلت: آمين، ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار أبعده الله، قل: آمين. قلت: آمين».

وعن أبي الطفيل، قال: سئل علي رضي الله عنه: هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لم يخص به الناس؟ قال: ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لم يخص به الناس إلا ما في قراب سيفي، ثم أخرج صحيفة فإذا فيها: «لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من سرق منار الأرض، لعن الله من عق والديه».

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رغم أنفه، رغم أنفه». قيل: من يا رسول الله؟ قال: «من أدرك والديه عنده الكبر أو أحدهما فدخل النار».

وعن ابن عباس رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه وسلم، قال: «ملعون من سب أباه، ملعون من سب أباه».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لعن الله سبعة من خلقه فوق سبع سموات: ملعون من عق والديه». الحديث وعنه أنه صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يتقبل الله صلاة الساخط عليه أبواه غير الظالمين له».

وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من أرضى والديه فقد أرضى الله، ومن أسخط والديه فقد أسخط الله».

وعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «يقول الله عز وجل: اعمل ما شئت فإني أغفر لك، ويقول للبار، اعمل ما شئت فأني سأغفر لك».

وعن أبي بكرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «كل الذنوب يؤخر منها ما شاء الله إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإنه يعجله لصاحبه في الحياة الدنيا».

وعن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «أن الله عز وجل أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام، يا موسى، أن كلمة العاق لوالديه عندي عظيمة، قالوا: يا موسى، وما الكلمة؟ قال: أن يقول لوالديه: لا لبيكما».

 

وعن بعض الحكماء: لا تصادق عاقًّا، فإنه لمن يبرك، وقد عق من هو أوجب منك حقًّا.

 

شؤم العاق لوالديه:

عن عبد الله بن أوفى، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا رسول الله، ههنا غلام قد أحتضر، يقال له. قل له. لا إله إلا الله فلا يستطيع أن يقولها. قال: أليس كان يقولها في حياته؟ قالوا: بلى. قال: فما يمنعه منها عند موته؟ فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهضنا معه حتى أتى الغلام، فقال: يا غلام، قل: لا إله إلا الله. قال لا أستطيع أن أقولها. قال ولم قال: لعقوقي والدتي. قال: أحية هي؟ قال: نعم. قال: ادعوها فدعوها، فقال: هذا ابنك؟ قالت: نعم. قال: أرأيت لو أن نار أججت، قيل لك: إن لم تشفعي له فدفناه في هذه النار. قالت: إذن كنت أشفع له. قال: فاشهدي الله وأشهدينا أنك قد رضيت عنه. قالت: اللهم أني أشهدك وأشهد رسولك أني قد رضيت عن ابني قال: يا غلام، قل: لا إله إلا الله. فقال: لا إله إلا الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار».

 

وعن مالك بن دينار، قال: بينما أنا أطوف بالبيت الحرام إذ أعجبني كثرة الحجاج والمعتمرين، فقلت: ليت شعري من المقبول منهم فأهنئه، ومن المردود منهم فأعزيه، فلما كان الليل رأيت في منامي قائلًا، يقول: مالك بن دينار يسأل عن الحاج والمعتمرين؟ قد غفر الله لهم أجمعين، الصغير والكبير، الذكر والأنثى، الأسود والأحمر، إلا رجلًا واحدًا فإن الله تعالى عليه غضبان، وقد رد الله حجه، وضرب به في وجهه، قال مالك: فنمت بليلة لا يعملها إلا الله عز وجل وخشيت أن أكون ذلك الرجل، فلما كانت الليلة الثانية، رأيت في منامي مثل ذلك، غير أنه قيل لي: ولست أنت ذلك الرجل، بل هو من خراسان من مدينة بلخ، يقال له: محمد بن هارون البلخي، فلما أصبحت أتيت قبائل خراسان، فقلت: أخيكم محمد بن هارون؟ قالوا: بخ بخ، تسأل عن رجل ليس بخراسان أعبد ولا أزهد منه ولا أقرأ منه، فعجبت من جميل ثناء الناس عليه وما رأيت في منامي. فقلت: أرشدوني إليه. قالوا: أنه منذ أربعين سنة يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يأوي إلا الخراب، ونظنه في خرائب مكة، فجعلت أجول في الخرابات، فإذا هو قائم خلف جدار، وإذا يده اليمنى معلقة في عنقه وقد شدها بقيدين عظيمين إلى قدميه، وهو راكع وساجد. فلما أحس بهمس قدمي، قال: من تكون؟ قلت: مالك بن دينار، قال: يا مالك ما جاء بك إليَّ؟ إن كنت رأيت رؤيا فاقصصها علي. قال: أستحي أن أقولها. قال: بل قل، فقصصتها عليه، فبكى طويلًا، وقال: كنت رجل أكثر شرب المسكر، فشربت يومًا عند خدن لي حتى ثملت وزال عقلي، فأتيت منزلي فدخلت، فإذا بأمي توقد تنورًا لنا، فلما رأتني أتمايل بسكري، أقبلت تطعمني، وتقول: هذا آخر يوم من شعبان وأول ليلة من رمضان، يصبح الناس صوامًا، وتصبح سكران!! أما تستحي من الله؟ فرفعت يدي فلكزتها. فقالت: تعست. فغضبت لقولها وحملتها بسكري ورميت بها في التنور فلما رأتني امرأتي، أدخلتني بيتًا وأغلقت علي، فلما كان آخر الليل ذهب سكري، دعوت زوجتي لفتح الباب، فأجابتني بجواب فيه جفاء، فقلت: ويحك ما هذا الجفاء؟ قالت: تستأهل ألا أرحمك. قلت: لم؟ قالت: قتلت أمك، رميت بها في التنور فاحترقت، فخرجت إلى التنور فإذا هي كالرغيف المحروق. فخرجت وتصدقت بمالي، وأعتقت عبيدي، وأنا مذ أربعين سنة أصوم النهار وأقوم الليل، وأحج كل سنة، ويرى لي كل سنة عابد مثلك هذه الرؤيا، فنفضت يدي في وجهه، وقلت: يا مشئوم، كدت تحرق الأرض وما عليها بنارك، وغبت عنه بحيث أسمع حسه ولا أرى شخصه فرفع يديه إلى السماء، وقال: يا فارج الهم وكاشف الغم، يجيب دعوة المضطرين، أعوذ برضاك من سخطك، وبما فاتك من عقوبتك، ولا تقطع رجائي، وتخيب دعائي، فذهبت إلى منزلي ونمت، فرأيت في المنام قائلًا يقول: يا مالك لا تقنط الناس من رحمة الله. إن الله اطلع من الملأ الأعلى إلى محمد بن هارون فاستجاب دعوته، وأقال عثرته، أعذ إليه وقل له: أن الله يجمع الخلائق يوم القيامة، ويقتص للجماء من القرناء، ويجمع بينك وبين والدتك، فيحكم لها عليك، ويذيقك النار، ثم يهبك لأمك.

 

كيفية العقوق

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال إبكاء الوالدين من العقوق.

وعن عمر بن الزبير، قال: ما بر أبويه من أحد النظر إليهما.

وعن محمد بن سيرين، قال: من مشى بين يدي أبيه فقد عقه، إلا أن يمشي يميط الأذى عن طريقه. ومن دعا أباه باسمه فقد عقه، إلا أن يقول: يا أبت.

وعن مجاهد، قال: لا ينبغي للولد أن يدفع يد والده إذا ضربه، ومن شد النظر إلى والديه لم يبرهما، ومن أدخل عليهما ما يحزنهما فقد عقهما.

وقال الحسن البصري: منتهى القطيعة أن يجالس الرجل أباه عند السلطان.

وقال فرقد: قرأت في بعض الكتب: ما بر ولد حر بصره إلى والديه، وأن النظر إليهما عبادة، ولا ينبغي للولد أن يمشي بين يدي والده ولا يتكلم إذا شهد، ولا يمشي عن يمينهما، ولا عن يسارهما، إلا أن يدعواه فيجيبهما، أو يأمراه فيطيعهما، ولكن يمشي خلفهما كالعبد الذليل.

وقال يزيد بن أبي حبيب: إيجاب الحجة على الوالدين عقوق. يعني الانتصار عليهما في الكلام.

 

وسئل كعب الأحبار، عن العقوق، فقال: إذا أمرك والدك بشيء فلم تطعهما فقد عققتهما العقوق كله.

 

إجابة دعوة الوالدين للولد:

عن عبد الله بن مسعود، قال: ثلاثة لا ترد دعوتهم: الوالد والمظلوم والمسافر.

وكان الحسن يقول: دعاء الوالدين ينبت المال والولد.

وسئل الحسن: ما دعاء الوالد للولد؟ قال: نجاة.

وعن مجاهد: ثلاثة لا تحدب دعوتهم عن الله عز وجل: دعوة المظلوم، ودعوة الوالد لولده، وشهادة ألا إله إلا الله.

وعنه أيضًا: دعوة الوالد لا تحجب عن الله عز وجل.

 

وعن عبد الرحمن بن أحمد بن حنبل، قال: سمعت أبي يقول: جاءت امرأة إلى مخلد بن الحسين، فقالت: إن ابني قد أسره الروم، ولا أقدر على مال أكثر من دويدة، ولا أقدر على بيعها، فلو أشرت إلى من يفديه بشيء فليس لي ليل ولا نهار، ولا نوم ولا قرار، فأطرق الشيخ مليًا، ودعا بدعوات، فلبثنا مدة، فجاءت المرأة ومعها ابنها، وأخذت تدعو له، وقالت: حديثك يحدثك الشاب. فقال الشاب: كنت في يد بعض ملوك الروم مع جماعة من الأسارى، فبينما نحن نجيء من العمل بعد المغرب انفتح القيد من رجلي، فوقع على الأرض، ووصف للشيخ اليوم والساعة، فوافق الوقت الذي جاءت فيه أمه للشيخ ودعاؤهما له، فنهض الذي كان يحفظني فصاح علي وقال: كسرت القيد فقلت: لا، إنه سقط، قال: فتحير وأخبر صاحبه، فأحضر الحداد وقيدوني، فما مشيت إلا خطوات حتى سقط القيد، فتحيروا ودعوا رهبانهم، فقالوا لي: لك والدة؟ قلت: نعم. قالوا: قد وافق دعاؤها الإجابة، أطلقك أن فلا تقيدك، وزودوني واصطحبوني إلى ناحية المسلمين.

 

إجابة دعوة الوالدين على الولد:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالدين على ولدهما».

 

وعنه أيضًا، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «كان جريج راهبًا في صومعة، وكان راعي بقر يأوي إلى أسفل صومعته، وكانت امرأة من أهل القرية تختلف إلى الراعي، فأتت أم جريج يومًا، فقالت: يا جريج وهو يصلي فقال في نفسه: يا رب أمي وصلاتي فرأى أن يؤثر صلاته، ثم صرخت الثانية والثالثة فلم يجبها، فقالت: لا أماتك الله حتى تنظر في وجوه المومسات، ثم انصرفت، فولدت تلك المرأة، فقالوا: ممن؟ قالت: من جريج. فضربوا صومعته فهدموها وجعلوا قيده إلى عنقه، ثم مروا به على المومسات، فتبسم وهن ينظرن إليه، فقال للملك: ما تزعم هذه؟ قال: تزعم أن ابنها هذا منك، فأقبل على الصغير، وقال: من أبوك؟ قال: راعي البقر، فقال الملك: نجعل لك صومعة من ذهب؟ قال: لا، ردوها كما كانت قال: فما الذي تبسمت منه؟ قال: أدركتني دعوة أمي، ثم أخبره الخبر».

 

من تبرأ من والديه أو ولده:

عن أنس الجهني عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «أن لله تعالى عبادًا لا يكلمهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم. قيل: من أولئك يا رسول الله؟ قال: متبرئ من والديه، راغب عنهما، ومتبرئ من ولده، ورجل أنعم عليه قوم فكفر نعمتهم، وتبرأ منهم».

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه، احتجب الله منه، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين».

 

إثم من دعي لغير أبيه:

عن إبراهيم التميمي، عن أبيه، قال: خطبنا علي رضي الله عنه، فقال: من زعم أن عندنا شيء نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة صحيفة فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات فقد كذب قال: وفيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ادعى لغير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا».

وعن ابن عثمان الهندي، قال: سمعت سعدًا يقول: سمعت أذناي، ووعى قلبي من محمد صلى الله عليه وسلم، يقول: «من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام»، قال: فلقيت أبا بكر فحدثته، فقال: وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

وعن أبي زرعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر».

 

إثم من تسبب في شتم الأبوين:

عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه». قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: «يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه ويسب أمه».

 

وعنه أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم، قال: «أن أكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه. قيل: وكيف يسب الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه ويسب أمه».

 

جواز رجوع الوالد في هبته:

عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يرجع في هبته، إلا الوالد».

 

وعن ابن عمر، وابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يحل لرجل أن يعطي العطية، فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده».

 

صلة الوالدين بعد موتهما:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «سبع يجري أجرها للعبد بعد موته وهو في قبره: من علم علمًا، أو أجرى نهرًا، أو حفر بئرًا، أو غرس نخلًا، أو بنى مسجدًا أو ورث مصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفر له».

عن السدي بن عبيد، عن أبيه، قال: قال رجل: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما، قال: «نعم، أربع خصال: الدعاء لهما، والاستغفار لهما، وإنقاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما».

وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «أن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب، أني لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك».

وعن معاذ بن جبل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من قرأ القرآن وعمل به ألبس الله والداه تاجًا يوم القيامة، ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا. فما ظنكم بمن عمل بهذا؟».

وعن أبي كاهل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «أنه من بر والديه حيين وميتين كان على الله عز وجل أن يرضيه يوم القيامة». قلنا: كيف يبر والديه ميتين؟ قال: «يستغفر لهما، ولا يسب والدي أحد فيسب والديه».

وعن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «هدية الأحياء إلى الأموات الاستغفار لهم، وأن الله ليدخل على أهل القبور من أهل الدور مثل الجبال».

وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «ما على أحدكم إذا أراد أن يتصدق أن يجعلها لوالديه إن كانا مسلمين، فيكون لوالديه أجرهما من غير أن ينتقص من أجره شيء».

وعن ابن عباس، أن سعد بن عبادة رضي الله عنهما، توفيت أمه وهو غائب عنها. فقال: يا رسول الله، أن أمي توفيت وأنا غائب عنها، فهل ينفعها إن تصدقت بشيء عنها؟ قال: «نعم». قال: فإني أشهدك أن حائطي صدقة عنها.

وعن أبي هريرة، أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أن أمي ما ماتت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: «نعم».

 

وعن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من حج عن أبويه، أو قضى عنهما مغرمًا، بعث يوم القيامة مع الأبرار».

 

صلة أقاربهما وأصدقائهما:

وعن ابن عمر، أنه مر به أعرابي في سفره، وكان الأعرابي صديقًا لعمر، فقال الأعرابي: ألست فلان بن فلان؟ قال: بلى. فأمر له ابن عمر بحمار يستعقب به، ونزع عمامته عن رأسه فأعطاه إياها، فقال بعض من حضر: أما يكفيه درهما؟ فقال ابن عمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «احفظ ود أبيك، لا تقطعه فيطفئ الله نورك».

وعن نافع، قال: قدم أبو بردة المدينة، فأتاه ابن عمر رضي الله عنه، فسلم عليه، فدخل عليه فسأله؟ فلما أراد أن يقوم، قال: أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «إن من أبر البر من بر أباه بعد موته بصلة ود أبيه» وأن أبي كان لأبيك وادًّا، فأردت أن أبرك بصلتي إياك.

 

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من أراد أن يبر أباه في قبره، فليصل إخوان أبيه من بعده.

 

زيارة قبرهما:

عن أبي هريرة؛ قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله وقال صلى الله عليه وسلم: «استأذنت ربي عز وجل أن أزور قبرهما فأذن لي، واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي».

وعن عائشة رضي الله عنها، عن أبيها، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «من زار قبر والديه أو أحدهما يوم جمعة، فقرأ يس غفر له».

وعن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من زار قبر أمه، أو قبر واحد من قرابته، كتبت له حجة مبرورة، ومن كان زوار لهما حتى يموت زارت الملائكة قبره».

وعن عثمان بن سودة، وكانت أمه من العابدات يقال لها: راهبة، قال: فلما احتضرت رفعت رأسها إلى السماء، فقالت: يا ذخري وذخيرتي عند الموت، لا توحشني في قبري، قال: فماتت، كنت آتيها عند القبر كل جمعة أدعو لها، وأستغفر لها ولأهل القبور، فرأيتها ذات ليلة في منامي، فقلت: يا أماه، كيف أنت؟ قالت: يا بني أن للموت لكربة شديدة، وأنا بحمد في برزخ محمود، نفترش فيه الريحان، ونتوسد السندس والإستبرق إلى يوم النشور، قلت: ألك حاجة؟ قالت: نعم، لا تدع ما أنت عليه من زيارتنا والدعاء لنا، فإني لأبشر بمجيئك يوم الجمعة إذا أقبلت، يقال: يا راهبة هذا ابنك قد أقبل من أهله زائرًا لك، فأسر بذلك، ويسر به من حولي من الأموات.

ولله در القائل إذ قال وأجاد:

ذَر قَبرَ والدِيكَ وَقِف عَلى قَبرَيهِما *** فَكَأَنَني بِكَ قَد نَقَلتَ إِلَيهِما

لَو كانَ حَيثُ هُما وَكانا بِالبَقا *** زارَكَ حَبوًا عَلى قَدَميهِما

إِن كانَ دِينَهُما أَظَلَكَ طَالَما *** مَنَحاكَ مَحصَنَ الوِدِ مِن نَفسَيهِما

ما هُنَ إّلّا أَبصَرا بِكَ عِلَةً *** جَزَعًا لَمّا تَشكو وَشَقَ عَلَيهِما

ما هُنَ إِذا سَمِعا أَنينَكَ أَسبالًا *** دَمعَيهِما أَسفًا لَما تَشكو وِشَقَ عَلَيهُما

وَتَمَنيا لَو صارَ مَسالِكَ راحَةٍ *** بِجَميعِ ما يَحويهِ مُلكَ يَدَيهُما

فَلتَلحَقهُما غَدًا أَو بَعدَهُ *** حَتمًا كَما لَحِقاهُما أَبَويهُما

وَلتُقَدِمنَ عَلى فِعالِكَ مِثلَما *** قَدَماهُما أَيضًا عَلى فِعلَيهُما

طوباكَ لَو قَدَمَت فِعلًا صالِحًا *** وقَضَيتَ بَعضَ الحَقِ مِن حَقَيهُما

وِسَهِرتَ تَدعو اللَهَ يَغفِرُ عَنهُما *** وَأَطَلتَ في الصَلواتِ مِن ذِكرَيهُما

وَقَرَأتَ من آيِ الكِتابِ بِقَدرِ ما *** تَستَطيعَهُ وَبَعَثتَ ذاكَ إِلَيهِما

وَبَذَلتُ مِن صَدَقاتِ مالِكَ مِثلَ ما *** بَذَلا هُما أَيضًا عَلى أَبَويِهِما

فَاحْفَظْ حَفَظتَ وَصِيَتي وَاعمَل بِها *** فَعَسى تَنالَ الفَوزِ مِن بِرَيهِما

 

وعن الفضل بن موقف، قال: كنت آتي قبر أبي كثيرًا، فشهدت جنازة، فلما قبر صاحبها تعجلت لحاجة ولم آت قبر أبي، فرأيته في المنام، فقال: يا بني، لِمَ لم تأتني؟ فقلت: يا أبت وأنك لتعلم بي؟ قال: أي والله، وأنك لتأتيني فما أنظر إليك حين تطلع من القنطرة حتى تقعد إلي، وتقوم من عندي، فما أزال أنظر إليك موليًا حتى تجوز القنطرة.

 

ثواب صلة الرحم وعقوبة قطعه:

عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من أحب أن يمد له في عمره، ويزاد في رزقه، فليتق الله وليصل رحمه».

وعن أبي علي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من سره أن يمد الله في عمره، ويوسع في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه».

وعن علي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من سره أن يمد الله في عمره، ويوسع في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه».

وعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «صلة الرحم، وحسن الجوار، يعمران الديار، ويزيدان الأعمار».

وعن أبي أمامة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر».

وعن أبي سعيد الخدري، أنه صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يدخل الجنة صاحب خمس: مدمن الخمر، ولا مؤمن بسحر، ولا قاطع الرحم، ولا كاهن، ولا منان».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إن أعمال بن آدم تعرض على الله كل خميس ليلة جمعة، فلا يقبل عمل قاطع رحم».

وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الله عز وجل لما خلق الخلق قامت الرحم وقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة فقال: أما ترضي أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك اقرءوا إن شئتم».

{فَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلَّيتُم أَن تُفسِدوا في الأَرضِ وَتُقَطِّعوا أَرحامَكُم أَولَئِكَ الَّذينَ لَعَنَهُم اللَهُ فَأَصَمَّهُم وَأَعمى أَبصارَهُم}.

وعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله».

وعن أبي بكرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخر له من الآخرة من القطيعة للرحم والبغي».

وقال أبو أوفى: إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم.

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني، أنبئني عن كل شيء قال: «كل شيء خلق من الماء».

فقلت: أخبرني إذا عملته دخلت الجنة، قال: «أطعم الطعام، وافشي السلام، وصل الأرحام، وصل بالليل والناس نيام، تدخل الجنة بسلام».

وعن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «يبيت قوم من هذه الأمة على طعام وشراب، ولهو ولعب، فيصبحوا قد مسخوا قردة وخنازير، وليصيبهم خسف وقذف حتى يصبح الناس فيقولون: خسف الليلة ببني فلان وخسف الليلة بدار فلان، ولترسلن عليهم حجارة من السماء كما أرسلت على قوم لوط على قبائل فيها وعلى دور لشربهم الخمر، واتخاذهم القينات، وأكلهم الربا، وقطيعة الرحم».

وعن أبي بكرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أن أعجل البر ثوابًا صلة الرحم، حتى أن أهل البيت ليكونون مجرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا».

 

وعن سليمان بن عامر، أنه قال: يا رسول الله، إن أبي كان يصل الرحم، ويفي بالذمة يعني العهد- ويكرم الضيف، قال: «مات قبل الإسلام؟» قال: نعم. قال: «لن ينفعه ذلك، ولكنها تكون في عقبه يعني: أولاده فلن تخزوا أبدًا، ولن تذلوا أبدًا، ولن تفتقروا أبدًا».

 

الكاتب: أبو الفرج ابن الجوزي.

 

المصدر: موقع رسالة الإسلام.